الإيما
ن بالله
سبحانه و تعالى هو الفطرة التي فطر الله عليها عباده, و الإلحاد غاشية طارئة على
الإنسان, خرج بها أصحابها عن أصل الخلقة و مقتضى الفطرة. و يدل على هذا قوله
تعالى: "وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست
بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين, أو تقولوا
إنما أشرك آباؤنا من قبل و كنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون" [الأعراف:
172-173]. و إن علم الإيمان هو أشرف العلوم لتعلقه بمعرفة الله سبحانه و تعالى
و إفراده بالعبادة, و أيضا لما يترتب عليه من تحقق الحياة الطيبة في الحياة الدنيا
و الفوز بنعيم الخلد و جنة الأبد في الآخرة.
و أما الملاحدة و
اللادينيين الذين لا يؤمنون بالله سبحانه و تعالى, و يبررون ذلك بأنه لا تدركه
الحواس, فقد اتبعوا بهذه الأقوال سنن أعداء الإيمان الذين كانوا من قبلهم عندما
جعلوا رؤية الله شرطا للإيمان. و هذه المكابرة هي منطق الكافرين قديما و حديثا, و
لكنها في الحقيقة شبهة باطلة لأن هؤلاء يؤمنون بوجود العقول المفكرة و لم يروها, و
يؤمنون بالجاذبية الأرضية و لم يروها و هناك الكثير من الأمثلة على أمور مثل هذه
يؤمنون بها دون أن يروها أو أن تدركها حواسهم. و لكنهم آمنوا بكل هذه الأشياء التي
لا يرونها لما يرون من آثارها, كأثر الجاذبية في جذب الأشياء إلى الأرض. و لذلك فإن
الطريق إلى الإيمان بالله عز و جل هو التدبر في آياته, و هي تقود كل منصف إلى
الإيمان بالله, و إلى الإيمان بربوبيته و ألوهيته سبحانه و تعالى.
و إن من ثمرات
الإيمان بالله الحياة الطيبة في الدنيا و الهداية و العزة و التمكين و النصر على
الأعداء و الفوز برضوان الله و الجنة في الآخرة, و هناك الكثير من الآيات في القرآن
الكريم تؤكد هذا المعنى. و من المعروف أن سبب عدم تحقق الكثير من هذه الوعود في
واقع المسلمين حاليا هو ضعف إيمانهم, و لا سبيل إلى تحقيق هذه الوعود إلا بالعودة
إلى الإيمان علما و عملا, تصديقا و انقيادا. و من الآيات التي تؤكد هذا ما يلي:
قوله تعالى: "من
عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما
كانوا يعملون" [النحل 97].
و قوله تعالى:
"فأما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل و لا يشقى و من أعرض عن ذكري فأن له
معيشة ضنكا و نحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لم حشرتني أعمى و قد كنت بصيرا قال
كذلك أتتك آياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسى" [طه 123].
و قوله تعالى: "و
لله العزة و لرسوله و للمؤمنين" [المنافقون 8].
و قوله تعالى:
"وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين
من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يؤمنون
بي لا يشركون بي شيئا و من كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" [النور 55].
و قوله تعالى:
"إن الله يدافع عن الذين آمنوا" [الحج 38].
و قوله تعالى: "و
كان حقا علينا نصر المؤمنين" [الروم 47].
و قوله تعالى:
"ثم ننجي رسلنا و الذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين" [يونس 103].
فبالإيمان يكون
النصر و العزة و التمكين و النجاة و الهداية و الحياة الطيبة في الدنيا و الآخرة, و
أما من أعرض عن الإيمان فله معيشة ضنكا, و يحشر يوم القيامة أعمى, و يعيش ذليلا
مهزوما.
وجود الله عز و جل:
إن
هناك نوعان من الوجود:
وجود ذاتي,
لم يسبقه عدم و لا يلحقه عدم, و هو ما كان وجوده ثابتا له في نفسه و ليس مكسوبا له
من غيره, و هذا هو وجود الله عز و جل كما قال تعالى: "هو الأول و الآخر و الظاهر
و الباطن و هو بكل شيء عليم" [الحديد: 2].
وجود حادث,
و هو ما كان حادثا بعد عدم, فهذا الذي لا بد له من موجد يوجده و خالق يحدثه, و ذلك
الخالق هو الله عز و جل, كما قال تعالى: "الله خالق كل شيء و هو على كل شيء
وكيل" [الزمر: 62].
و لذلك فإن الوجود
صفة لله جل و علا بإجماع المسلمين و جميع العقلاء حتى المشركين.
بعض الأدلة على ربوبية الله تعالى:
دلالة الفطرة:
و هي ذلك الشعور الغامر الذي يملأ على الإنسان أقطار نفسه, إقرارا بخالقه و تألها
له و التجاء إليه. و الفطرة هي الميثاق الذي أخذه الله بربوبيته على بني آدم.
دلالة الآيات
الكونية:
فإن الأدلة على وجود و ربوبية الله عز و جل بعدد مخلوقات الله. و إذا تأمل الإنسان
في هذا الكون و في جميع المخلوقات الموجودة فيه, سيجد أربعة أدلة رئيسية تهديه إلى
الإيمان بالله سبحانه و تعالى, و هي مذكورة في قوله تعالى: "سبح اسم ربك الأعلى,
الذي خلق فسوى, و الذي قدر فهدى" [الأعلى: 1-3]. إذا فهذه الأدلة هي: الخلق و
التسوية و التقدير و الهداية, و شرح هذه الأدلة باختصار كما يلي:
أ- دليل الخلق:
و هو خلق الله لجميع المخلوقات, و الإعجاز في هذا الخلق. فالإنسان عاجز عن خلق أي
شيء من عدم, و لكن الله سبحانه و تعالى خلق الكون بأكمله من عدم. و كما قال تعالى:
"أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات و الأرض بل لا يوقنون"
[الطور 35-36]. فخلق الله الإنسان و السماوات و الأرض دليل على وجود الله و
على ربوبيته. و المتأمل في خلق الله سبحانه و تعالى, من النجوم و الكواكب, و الأرض
و ما فيها من مخلوقات, و حتى في الخلايا التي يتكون منها الأنسان, يقر بوجود آيات
بينات على وجود الله عز و جل.
ب – دليل
التسوية: معنى تسوية الشيء هو إتقانه و إحسان خلقه و إكمال صنعته بحيث يكون
مهيئا لأداء وظيفته, و يكون مستويا معتدلا متناسب الأجزاء ليس بينها تفاوت يخل
بالمقصود. و هذه التسوية في الخلق تدل على وجود الله عز و جل, وعلى بديع علمه و
إرادته و قدرته و حكمته.
ج – دليل
التقدير:
التقدير هو خلق كل شيء بمقدار و ميزان و ترتيب و حساب بحيث يتلاءم مع مكانه و
زمانه, و بحيث يتناسق مع غيره من الموجودات القريبة منه و البعيدة عنه. و تقدير
الله سبحانه و تعالى في جميع مخلوقاته دليل آخر على وجوده عز و جل.
د - دليل
الهداية:
المقصود من الهداية هنا هو الإلهام الفطري أو الغريزي الذي تتوجه به المخلوقات
قاطبة إلى أداء دورها و تحقيق وظيفتها في هذه الحياة. و هذه الهداية تشمل جميع
المخلوقات, الحية و غيرها.
دلالة الحس:
لدلالة الحس على وجود الله وجهان: الوجه الأول هو ما نشهده و نسمعه من إجابة
الداعين و غوث المكروبين. و أما الوجه الثاني, فهو ما أيد الله به رسله من المعجزات
التي تدل على وجود الله عز و جل لأنه هو الذي صنع المعجزات, و لأن الرسل أنفسهم
دعوا الناس إلى الإيمان بوجود و ربوبية الله سبحانه و تعالى.
دلالة إجماع
الأمم:
فإن جميع الأمم و الديانات المعروفة أجمعت على ربوبية الله عز و جل, و لو أن بعضهم
جعلوا لله شركاء يعبدونهم من دون الله. و أما ظاهرة الإلحاد و إنكار و جود الله عز
و جل لم تكن فيما مضى إلا شذوذا تخلف به أصحابه عن مواكب العقلاء.
دلالة العقل:
و هي تقوم على ثلاثة أسس:
الأول:
أن العدم لا يخلق شيئا
الثاني:
أن الفعل مرآة لقدرة فاعله و بعض صفاته
الثالث:
أن فاقد الشيء لا يعطيه, فالمخلوقات جميعا لا يعقل أن ينسب إليها الخلق.
توحيد الربوبية:
معنى توحيد
الربوبية:
توحيد الله بأفعاله, و اعتقاد تفرده بالخلق و الملك و الرزق و التدبير. كما قال
تعالى: "ألا له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين" [الأعراف: 54].
و لا يكفي الإقرار
بالربوبية للبراءة من الشرك, فإن معظم الطوائف تقر بالربوبية لله سبحانه و تعالى, و
لم يعرف عن أحد من الطوائف القول بأن للعالم صانعين متماثلين في الصفات و الأفعال.
و لكن هذه الطوائف وقع منها الشرك في بعض الربوبية كاعتقادهم الخلق و النفع و الضر
في آلهتهم المزعومة من دون الله. و إقرارهم بالربوبية هذا لم يخرجهم من أن يوصفوا
بالشرك, لأن هذه الطوائف و الأمم كانت تقر بالربوبية و تكفر بالألوهية.
و لكن توحيد
الربوبية الخالص من الشرك هو المدخل إلى توحيد الألوهية, فإن من يرسخ في يقينه
بتفرد الله بالخلق و الملك و الرزق و التدبير لا بد أن يتوجه بدعائه و عبادته إليه
و حده.
توحيد الألوهية:
توحيد الألوهية:
هو إفراد الله بالعبادة قولا و فعلا و قصدا, و البراءة من كل معبود من دونه, فالإله
هو المألوه المعبود الذي يستحق العبادة وحده دون سواه.
تعريف العبادة:
التأله و التذلل لله وحده, و الانقياد له سبحانه بفعل ما أمر به و ترك ما نهى عنه.
و عرفها العلماء أيضا بأنها: اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال و
الأفعال الظاهرة و الباطنة.
و بهذا فإن كل أصول
الدين و فروعه يندرج في معنى العبادة, و توحيد الألوهية يقتضي إفراد الله بكل هذه
العبادات, و التوجه بها إليه وحده.
خطأ اختزال مفهوم العبادة في باب الشعائر التعبدية:
و من الأمور المهمة
التي يجب الإشارة إليها هنا هو أن اختزال مفهوم العبادة في باب الشعائر التعبدية
فحسب من المفاهيم المغلوطة الشائعة بين الناس, و لعلها أثر من آثار العلمانية و ما
تروج له من الفصل بين الدين و الحياة. و الصواب هو أن العبادة هي كل قول أو فعل
يحبه الله و يرضاه, و أن العاديات تتحول مع النية الصالحة إلى عبادات. فمثلا, كفالة
أمور المسلمين و القيام بحاجاتهم العامة من الزراعات و الصناعات و نحوه يلتحق مع
النية الصالحة بأبواب العبادات.
أنواع العبودية:
1) عبودية كونية
عامة لجميع الخلق في كل زمان و مكان و هي عبودية تسخير و تسيير, و هذه لله وحده كما
قال تعالى: "و له أسلم من في السماوات و الأرض طوعا و كرها" [آل عمران: 83].
2) عبودية خاصة
يصطفي الله لها من يشاء من عباده الصالحين و هي عبودية تشريف و تكريم, كما قال
تعالى: "و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا
سلاما" [الفرقان: 63].
3) عبودية خاصة
محدودة و مؤقتة, و هي التي تكون بين مخلوق و مخلوق (الرق) و قد تكون مشروعة (أسر
للكفار) أو غير مشروعة (سرقة للأحرار).
أهمية توحيد الألوهية و منزلته من الدين:
هذا التوحيد هو أعظم
أنواع التوحيد و أهمها على الإطلاق, و هو الذي يتبادر إلى الذهن عند إطلاق كلمة
توحيد, و تأتي أهميته من الأسباب التالية:
1) أنه دعوة الرسل
جميعا, و أول ما يخاطب به الناس من أمور الدين, و هو معقد النجاة في الدنيا و
الآخرة.
2) أنه شعار الإسلام
الذي يميزه عما سواه من الديانات.
3) أن القرآن الكريم
كله في التوحيد و حقوقه و جزائه, و في شأن الشرك و أهله و جزائه.
و الطريق الفطري
إلى إثبات توحيد الألوهية هو توحيد الربوبية, كما قال تعالى: "يا أيها الناس
اعبدوا ربكم الذي خلقكم و الذين من قبلكم لعلكم تتقون, الذي جعل لكم الأرض فراشا و
السماء بناء و أنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله
أندادا و أنتم تعلمون" [البقرة: 21-22]. ففي هذه الآية الكريمة جعل الله من
مظاهر تفرده بالربوبية في خلق الحاضرين و الغابرين و تمهيد الأرض و رفع السماء و
إنزال الماء منها و إخراج الرزق من الثمرات بابا إلى توحيد الألوهية و آية بينة على
استحقاقه وحده للعبادة.
و أركان توحيد
الألوهية هي:
1) إفراد الله
بالمحبة و التعظيم و التأله.
2) إفراد الله
بالطاعة و الانقياد و التسليم.
توحيد القصد و التأله:
معنى توحيد
القصد و التأله: إفراد العبادة لله
بالتأله و التنسك و التوجه إليه وحده بسائر أنواع العبادات القولية و العملية,
كالحب و التعظيم, و الرغبة و الرهبة, و الإنابة و الرجاء و التوكل و الدعاء, و
الاستغاثة, و الذبح و النذر, و الركوع و السجود, و غيرها.
و الغلو في الصالحين
كان أساس الشرك في بني آدم, و لهذا نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الغلو فقال
عليه الصلاة و السلام: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم, إنما أنا عبد,
فقولوا: عبد الله و رسوله" [متفق عليه]. و الإطراء: مجاوزة الحد في المدح و
الكذب فيه.
ضلال القبوريون و غلوهم في الصالحين:
و قد ضل الكثير من
الفرق و العوام بسبب الجهل في هذا الباب, فاتخذوا من الأولياء و الصالحين أندادا
يحبونهم كحب الله, و توجهوا إليهم بكثير من العبادات كالدعاء و الاستغاثة و الذبح و
النذر. و فيما يلي توضيح لهذه العبادات التي يكون توجيهها لغير الله شركا به:
الدعاء و الاستغاثة و الاستعاذة:
الدعاء:
الدعاء نوعان:
1) دعاء المسألة:
طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو كشف ضر, و هو متضمن لدعاء العبادة, لأن السائل
أخلص سؤاله لله, و رغب إليه بخضوع و تذلل, و ذلك من أفضل العبادات.
2) دعاء العبادة:
هو سائر
القربات من ذكر و تلاوة و صلاة و نسك, و هو يستلزم دعاء المسألة.
الاستغاثة:
هي طلب الغوث, و هو إزالة الشدة, و لا تكون إلا من المكروب, بخلاف الدعاء فإنه أعم
من ذلك, فكل استغاثة دعاء و ليس كل دعاء استغاثة. و الاستغاثة لا تطلب من المخلوق
إلا فيما يقدر عليه, أما ما لا يقدر عليه إلا الله فلا يطلب إلا من الله.
الأدعية
البدعية: و هي ثلاثة مراتب:
الأولى: دعاء غير
الله من الموتى أو الغائبين, و هذا هو الشرك بالله.
الثانية: طلب الدعاء
من الميت أو الغائب من الأنبياء و الصالحين و هذا من البدع, و قد ألحقه بعض العلماء
بالشرك.
الثالثة: دعاء الله
تعالى متوسلا بذات أحد من الصالحين أو بجاهه, و هو من البدع المحدثة عند الجمهور.
التوسل المشروع:
و هو ثلاثة أقسام:
1) التوسل إلى الله
سبحانه و تعالى بأسمائه الحسنى و صفاته العلى.
2) التوسل إلى الله
سبحانه و تعالى بالأعمال الصالحات.
3) التوسل إلى الله
سبحانه و تعالى بطلب الدعاء من الأحياء الصالحين.
الاستعاذة:
هي الالتجاء و الاعتصام. فالعائذ بالله قد التجأ إلى الله و اعتصم به من كل شر, و
العياذ يكون لدفع الشر. والاستعاذة من العبادات التي أمر الله بها عباده كقوله
سبحانه و تعالى: "و إما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع
العليم" [فصلت: 36]. لهذا فمن صرف شيئا من الاستعاذة لغير الله فقد جعله شريكا
لله في عبادته.
الخوف والمحبة:
الخوف:
الخوف من الله من أفضل مقامات الدين و أجلها, و هو من أجمع أنواع العبادة التي أمر
الله جل و علا إخلاصها له, كقوله تعالى: "إنما ذالكم الشيطان يخوف أولياءه فلا
تخافوهم و خافون إن كنتم مؤمنين" [آل عمران: 175]. و ينقسم الخوف إلى ثلاثة
أقسام:
1) خوف السر أو
الخشية بالغيب, و يجب إخلاصه لله تعالى, فإذا صرف لغيره فذلك هو الشرك.
2) ترك بعض الواجبات
خوفا من الناس و هذا مجمع على حرمته.
3) الخوف الطبيعي و
هو كالخوف من سبع أو عدو و هذا لا يذم.
المحبة:
محبة الله عز و جل بتأله و ذلة هو أصل دين الإسلام, لأن العبادة هي كمال المحبة و
كمال الخضوع, فمن أحب من دونه شيئا كما يحب الله تعالى فهو ممن اتخذ من دون الله
أندادا. و المحبة في الله ليس فيها شيء من شوائب الشرك بل هي واجبة, إذ أنها تابعة
لمحبة الله و لازمة لها. أما المحبة الشركية, فهي المحبة مع الله لما فيها من
التأله لغير الله.
النذر و الذبح:
النذر و الذبح:
بما أن الوفاء بالنذر عبادة من العبادات, كما قال تعالى: "يوفون بالنذر و يخافون
يوما كان شره مستطيرا" [الإنسان: 7], فإن النذر لغير الله شرك في العبادة لما
يتضمنه من تعظيم المنذور له و التقرب إليه بذلك. و أما بالنسبة للذبح, فهو أيضا
عبادة من العبادات كما قال تعالى: "فصل لربك و انحر" [الكوثر: 3], و لذلك
فإن الذبح لغير الله شرك أكبر يستحق فاعله لعنة الله و غضبه.
التنجيم:
هو الاستدلال
بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية, و منه ما هو محرم و منه ما هو جائز:
الجائز منه: ما كان
من جنس الحساب و يدرك بطريق المشاهدة الخبر و ليس من علم الغيب في شيء.
و المحرم منه:
الاستدلال بحركات النجوم و الكواكب على الحوادث المستقبلية, أو القول بتأثير
الكواكب في الأمور. و لا يدخل في هذا ما جاء عن طريق الأبحاث العلمية, و إنما
المقصود الخرافات المنتشرة بين الجهلة مثل ما يسمى بالأبراج و غيرها.
التمائم:
التمائم جمع تميمة,
و هي ما يعلق بأعناق الصبيان من خرزات و عظام و نحوه لدفع العين, و هي من أبواب
الشرك.
الحلف بغير الله:
الحلف بغير الله من
الشرك الأصغر, و قد يكون من الشرك الأكبر بحسب حال قائله و مقصده. و قد اختلف الناس
في جواز الحلف بالنبي صلى الله عليه و سلم, و الصواب منعه.
توحيد الطاعة و الانقياد:
توحيد الطاعة و
الانقياد:
هو إفراد الله تعالى بالطاعة و الانقياد, و ذلك بتحكيم شرعه و القبول التام لكل ما
جاء به نبيه صلى الله عليه و سلم, و الكفر بما يتنافى مع ذلك من الأهواء البشرية و
المذاهب الوضعية.
أما في الزمن الذي
نعيش فيه, و مع الاستعمار للبلاد الإسلامية, حصل تبديل للشريعة الإسلامية بالقوانين
الأجنبية التي جاء بها المستعمر. فترك الناس شرع الله و وجهوا الطاعة و الانقياد
إلى قوانين أجنبية وضعها أعداءهم. و من أعداء الإسلام من قال أن الشريعة الإسلامية
لم تكن مطبقة في جميع الأحوال و الأوقات حتى في ظل الخلافة الإسلامية قبل مجيء
المستعمر, و احتجوا بهذا على جواز عدم تطبيق الشريعة و اتخاذ العلمانية (فصل الدين
عن التشريع) منهجا!
و لكن الفرق بين
العلمانية و ما كان يحصل من انحرافات جزئية في تطبيق الشريعة في ظل الخلافة أن
العلمانية ترفض مرجعية الشريعة تماما. أما الخلافة فقد كانت معترفة و مؤمنة بمرجعية
الشريعة, و إن حصل فيها بعض التجاوزات, فالله سيحاسب كل من ظلم أو أساء. فالمطلوب
لتحقيق توحيد الطاعة و الانقياد هو تحكيم الشرع و القبول بكل ما جاء فيه و الكفر
بكل ما يتنافى معه.
فالعلمانية تعني فصل
الدين عن الدولة و عن الحياة عموما, و قصر الدين على جانب الشعائر التعبدية البحتة
بين المرء و خالقه, و هي تنزع قدسية الدين و تعتبره ميراثا بشريا بحتا. و لذلك فإن
العلمانية ناقضة لأصل الدين:
1) فهي شرك في
الربوبية, ليس في جانب الخلق و الأمر الكوني و أنما في جانب الهداية و الأمر
الشرعي.
2) و هي شرك في
الألوهية: فتبديل شرع الله بشرع آخر شرك بالله تعالى.
3) و هي ثورة على
النبوة: فالإيمان بالنبوة يتطلب تصديق خبر الرسول صلى الله عليه و سلم و التزام
أمره جملة و تفصيلا.
4) و هي نقد
الإيمان: فإن أصل الإيمان تصديق الخبر و الانقياد للأمر.
5) و هي استحلال
للحكم بغير ما أنزل الله.
توحيد الأسماء و الصفات:
هلك في قضية الأسماء
و الصفات فريقان:
1) المشبهة أو
الممثلة, و هم الذين غلو في إثبات صفات الله حتى جعلوها على نحو يماثل صفات
المخلوقين. و مذهبهم باطل و منكر, فقد قال الله تعالى: "ليس كمثله شيء و هو
السميع البصير" [الشورى 11]. و قال: "و لم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص].
و قد نهى الله عن أن تضرب له الأمثال في قوله تعالى: "فلا تضربوا لله الأمثال"
[النحل 74].
2) المعطلة,
و قد غلو في جانب النفي فأنكروا أسماء الله و صفاته إنكارا كليا أو جزئيا, و حرفوا
من أجل ذلك نصوص الكتاب و السنة, و منهم: الأشاعرة و المعتزلة و الجهمية و القرامطة
و الفلاسفة, على تفاوت بينهم في التعطيل و التحريف. و أظهر هذه الطوائف اليوم هم
الأشاعرة, و قد أثبتوا بعض الصفات و نفوا بعضها الآخر و ردوا لذلك من النصوص ما
أمكنهم رده و أولوا ما أعجزهم رده.
و قد زعم الأشاعرة و
الفلاسفة, لقلة فهمهم, أنه يجب تأويل أو تعطيل أو نفي الكثير من الأسماء و الصفات,
و ذلك لأسباب فلسفية لأنهم رأوا تعارض ثبوت هذه الأسماء و الصفات مع العقل. و لكن
ما فاتهم أن هذه الأمور من أمور الغيب, فلا يجوز و لا يعقل الرجوع فيها إلى العقل,
فإن العقل لا يمكنه أن يدرك بالتفصيل ما يجب و لا يجب و ما يجوز و ما يستحيل في حق
الله عز و جل.
و أما الصواب في هذا
الباب فهو موقف أهل السنة و الجماعة, و هو الإثبات بلا تثميل و التنزيه بلا تعطيل.
و كما قال
الإمام أحمد في هذا الباب: نصف الله بما وصف نفسه, و
لا نتعدى القرآن و الحديث.